Sabtu, 10 September 2016

الخطابة بين النظرية والتطبيق

الفهرس


الصفحة
- مقدمة
- الباب الأول : علم الخطابة ………………
1- تعريف علم الخطابة وعلاقته بالعلوم الأخرى …………………………
2- تاريخ علم الخطابة …………………
- الباب الثانى : الخطابة ومقوماتها ………….
1- تعريف الخطابة      ..........................................
2- مقومات الخطابة …………………..
- الباب الثالث : كيفية صياغة الخطابة وأنواعها
1- كيفية صياغة الخطابة ………………
2- أنواع الخطابة  ……………………
- الباب الرابع : الخطيب وما يتعلق به  ………
1- الإرتجال     …………………………
2- مؤهلات الخطيب …………………
3- صفات الخطيب  ………………….
4- آداب الخطيب وعيوبه ………………
- الباب الخامس : الخطابة فى الإسلام ……….
1- الخطبة الأولى للرسول صلى الله عليه وسلم          ………………………….
2- هدى الرسول صلى الله عليه وسلم فى خطبته          ………………………….
3- منزلة الخطابة فى الإسلام                               ……………
4- مقومات الخطابة وعوامل إزدهارها فى الإسلام …………………………
5- موضوعات الخطابة فى عصر صدر الإسلام
6- الخطبة المنبرية وحكمة مشروعيتها                                           …….
- الباب السادس : عرض ودراسة لبعض الخطب المشهورة ……………………………..
1- أول خطبة للرسول بمكة المكرمة                                        ………
2- أول خطبة خطبها رسول الله فى المدينة المنورة ………………………….
3- خطبة أبى بكر الصديق رضى الله عنه                                               ….
4- خطبة عمر بن الخطاب رضى الله عنه                                              …..
5- خطبة على بن أبى طالب رضى الله عنه                                                …
6- خطبته صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع         ………………………….
- المراجع والمصادر         ………………………
- ترجمة حياة المؤلف         …………………….
5
7

7
9
17
17
20
26
26
37
47
47
49
52
53
60

60

62
64

65
68
72

77
78

81
84
87
89

91
99
101



مقدمة الطبعة الثانية

الحمد لله الذى رفع صوت الإسلام من فوق المنابر، ونشر منها تعاليم الإسلام رغم كل مكابر ، والصلاة والسلام على خير الأنام سيدنا محمد (ص) القائل فى حديثه : "إنّ من البيان لسحرا" وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

وبعده ، فلقد اهتمّ الإسلام بالخطابة أيّ إهتمام، فهى إحدى الوسائل الفعّالة لنشر الإسلام ،ولقد كانت الخطابة من أهم أسلحة رسول الله فى دعوته وفى التأثير على الناس .

فعلى هذه الأهمية , قررت مادة الخطابة من ضمن المواد التى تدرس فى الجامعات خصوصا فى كلية الدعوة وكلية وأصول الدين وكلية والتربية ومعاهد إعداد الدعاة وتدريب الأئمة والوعاظ وغيرها .

فلقد بذلت كل جهدى فى تنسيق هذه المادة وتنظيمها حتى صارت مذكرة حيث رتبتها من المراجع المتعددة وقمت أيضا بالتوضيح وإبداء الرأى على بعض النقاط المهمة رجاء أن تكون سهلة المنال يسيرة الإطلاع والإستيعاب .

طبعا ، إن هذه المذكرة بعيدة كل البعد عن الكمال لذا الرجاء من القراء والدارسين ابداء اقتراحات وارشادات ايجابية لإتمام هذه المذكرة . سائلا المولى القدير أن ينفع بها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وأن يوفقنا دائما لطاعته وأن يهدينا إلى سواء السبيل .

وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .
        حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير.

                                    باميكاسن , 25 أغسطس 2012
                                                    المنسق     

                                              عين الحق نووى












بسم الله الرحمن الرحيم

الباب الأول
علم الخــــطابة

1-     تعريف علم الخطابة وعلاقته بالعلوم الأخرى

أ‌)         تعريفه
       هو مجموع القوانين يعرّف الدارس طرق التأثير بالكلام ، وحسن الاقناع بالخطابة.
بهذا التعريف يمكن تحديد ما يعنى به علم الخطابة هو :
1.       دراسة طرق التأثير و وسائل الإقناع
2.       توضيح القوانين والأنظمة والأساليب فى الخطابة
3.       اختيار الألفاظ والمعانى والأساليب المختلفة فى آداء الخطابة
4.       بيان صفات الخطيب
      
       واضع هذا العلم : هو أرسطوطاليس .  اسم الكتاب:  "الخطابة".

ب‌)    علاقة علم الخطابة بعلم المنطق
         علم الخطابة له علاقة وصلة وثيقة بالمنطق ، والدليل على ذلك أن معظم قوانين الخطابة يعتمد على المنطق فى مبادئه، إضافة إلى ذلك فأن علم المنطق لا يبحث عن القوانين التى تحفظ الذهن عن الخطأ فقط ، وإنما يرشد الذهن أيضا إلى الأخذ بالقوانين والبحث عن أهواء النفس وخواطرها وأسباب الغلط وغيرها، وهى موضوعات علم المنطق تساعد الخطيب فى آداء مهمته.[1]

ج) علاقة علم الخطابة بعلم النفس
       إن علم الخطابة له صلة قوية بعلم النفس, لأن الخطيب لا يمكن أن يصل إلى غايته (وهى إقناع السامعين وحملهم على المراد منهم) الا إذا استطاع أن يثير حماستهم ويخاطب إحساسهم ولا يمكن ذلك الا إذا كان عالما بطبائع النفوس وأحوالها وغرائزها, وسجاياها، وذلك لا يكون الا بعلم النفس.[2]

د) علاقة علم الخطابة بعلم الإجتماع
      علم الخطابة له علاقة وثيقة أيضا بعلم الإجتماع لأن الخطيب إذا أراد بلوغ غايتها لا بد من أن يعرف طبائع الناس وأخلاقهم وتباين أحوالهم ويكون ذلك بعلم الإجتماع[3]
 




2)- تاريخ علم الخطابة :

أ‌)      نشأة الخطابة :

وقد عرفت البشرية الخطابة منذ نشأتها، فإن الإنسان مدنى بفطرته لا يستطيع أن يعيش منفردا معزولا عن الجماعة، ولابد له أن يتآلف مع غيره فى مجموعة معينة تربطها صلات القرابة أو المصاهرة أو التعاون فى جذب المنافع ودفع الأخطار.
ولا بد لهذه المجموعة من زعيم ينظم أمورها ويقودها ويرشدها بلسانه أو بعلمه. هذا الزعيم المرشد الذى يأمر وينهى وينظم ، هو الخطيب الأول ،  وجمهوره هو المجتمع الذى يعيش فيه.
بما أن الخطابة لون من المحادثات، فالمحادثة رافقت الإنسان منذ وجوده على التحقيق. لكن الخطابة تميزت بحقيقتها عن مطلق محادثة إلى "فن" واختصت بالجماهير دون الأفراد وقصد بها إلى التأثير والإستمالة لا مجرد تعبير عما فى النفس.
إذا فلا بد أن تكون فى نشأتها قد خطت خطوات وتطورت وتخص من حديث إلى فن ، ومن أفراد إلى جماهير.
يرجع تاريخ علم الخطابة بالتحديد إلى القرن 5 ق م فى الإغريق. عندما سلبت الحكومة ممتلكات الشعب بقوة ، حتى وقع احتجاج من جماهير الشعب ، وعقدت المحاكمة ، فعند ذلك طلب الجمهور من أحد رجاله كورك (Corax) بإلقاء الخطبة أمام هذه المحكمة ، كانت الخطبة ممتازة أعجبت الجماهير ، فاشتهرت هذه الخطبة، فهو يعتبر أول من ابتكر فن الخطابة ، ثم طورها أحد تلاميذه تيسياس (Tisias)، وأخيرا قام بترتيبها وتنظيمها أرسطو، وألف كتابا منهجيا مفصلا فى فن الخطابة سماه "الخطابة".[4]
وأما شأن الخطابة فى العصر الرومانى فله نشاط أيضا، فقد فتحت المدارس فى مدينة روما وغيرها منذ القرن الأول الميلادى ،  حيث تدرس فيها مادة الخطابة ويتمرن التلاميذ فى هذه المدارس على الخطابة. وأعظم الخطباء فى العصر الرومانى "شيشرون(Cisero) " وهناك عدة مؤلفات فى علم الخطابة ينسب إليه.
ثم يأتى الكلام عن تاريخ الخطابة عند العرب ، بداية من العصر الجاهلى ، حيث  يعتبر نقطة لإنطلاق الخطابة فى صدر الإسلام مطابقا مع التسلسل التاريخى والزمنى.

ب‌)  الخطابة فى الجاهلية و الإسلام

العصر الجاهلى يحدد بقرنين من الزمان تقريبا قبل الإسلام ، وينتهى بظهور الإسلام.
ولقد اشتهرت فيه الخطابة نظرا لما كان عليه العرب من الحمية الجاهلية، وشن الغارات فى المدافعة عن النفس والمال والعرض، و المفاخير بالشعر والخطبة وشرف الخصال من الشجاعة والكرم والنجاة وحماية الجار ورد الظلم وغيرها.
ولشدة عنايتهم قديما بالشعر دون الخطابة لصعوبة حفظ النثر، لم يصل إلينا أحوال خطابائهم الأوائل عند التأدية ولاشئ من خطبهم ولم تعن الرواة بنقل أخبار الخطباء وخطبهم ، إلا بعد أن وصلت الخطابة إلى منزلة أرقى من الشعر عندما اتخذت وصيلة للعيش والطعن على الأعراض ،  فعلا بذلك شأن الخطابة ، وكان لكل قبيلة خطيب كما كان لكل قبيلة شاعر .

- خصائص الخطبة فى العصر الجاهلى :
      1)- لأن القصد من الخطبة هو إمتلاك القلوب واستمالة النفوس كما هو الشأن فى الشعر، كان الإعتماد فيها على الأقوال الخطابية المحركة للعواطف والمؤثرة فى النفوس ممثلة فى :
أ- صور العبارات الرائعة     ج- الأساليب المتينة
ب- الألفاظ العذبة        د- كثرة الفواصل والأسجاع
2)- تنقسم الخطبة إلى قسمين : - الخطبة الطويلة الوافية
- الخطبة القصيرة الكافية
      إن أغلب الخطب فى الجاهلية قصيرة ، لانطباعهم على الإيجاز ، ولأنها على الحفظ أسرع ،  وكانت لهم العناية بسرد كثير من الحكم والأمثال خصوصا فى الخطب القصيرة.
    أما الخطب الطويلة فكانت مستخدمة فى شأن الصلح وهم بستحسنون الإطالة فيه
3)- أكثر إستعمال الخطب فى مواضع التحريض على القتال والتحكيم فى الخصومات وتحمل الديات وإصلاح ذات البين (القرابة) والمفاخرات والوصايا والوفادة على الملوك والأمراء.

      وأما الخطابة فى الإسلام فيمكن تقسيمها إلى ما يلى :
1)- الخطابة فى صدر الإسلام
2)- الخطابة فى العصر الأموى
3)- الخطابة فى العصر العباسى
أما الخطابة فى صدر الإسلام فقد ابتدأ بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا غير شاعر،بشيرا ونذيرا، موضحا للمسلمين بشرائع دينهم,، ثم ورثه من بعده خلفاؤه الراشدون، فكانوا  خطباء مصاقع يخطبون فى الجمع والأعياد وفى المواقف الهامة.
ثم يأتى عصر الخطابة فى الدولة الأموية بعد أحداث وفتن طرأت على العالم الإسلامى آنذاك، باستشهاد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضى الله عنه واستشهاد الحسين بن على رضى الله عنهما، ثم خروج عبد الله بن الزبير على يزيد بن معاوية ،  وظهور التشيع آخر خلافة عثمان وغيرها،   هذه كلها
      أثرت على سير الخطابة فى ذلك العصر.
لقد تقدمت الخطابة فى صدر الدولة الأموية وفى وسطها, فكان هناك خطباء ماهرون أجادوا إجادة لانظير لها، تفننوا مجامعهم وجمعهم وأعيادهم وفى مشاهد الحرب ومنافر الجهاد ومحافل الملوك ومجالس الموعظة وأندية الأدب وغيرها، الا أن هذه الحالة لم تدم طويلا فقد ضعفت الخطابة فى آخر العصر الأموي لقلة خروج الخطباء على الخلفاء علنا والاتجاه إلى التدبير السري.
أما فى العصر العباسى فقد قوية الخطابة وفاقت على صدر الدولة الأموية وذلك على ما يلى :
1)- لان الدولة قامت بعد الفتن  والثورات فكانت الحاجة ماسة إلى الخطب الرائعة، يدافع الخلفاء بها عن أنفسهم، ويدعون الناس إلى البقاء على تأييدهم.
2)- الخلفاء فى صدر الدولة كانوا من بنى هاشم ومن بنى العباس هم الذين اشتهروا بالفصاحة وبالمواهب الخطابية
وقد أخذت الخطابة فى الضعف بعد المائة الأولى من حكم العباسيين ومن أعظم أسباب الصعف هى :
1)- إن الداعى إلى الخطابة قد ضعف بسبب قوة الدولة وثبوت دعائمها
2)- إن الجنود غلبت عليهم العجمة من الفرس والأتراك وهؤلاء لا يثيرهم القول البليغ العربى فى الخطابة، وإنما تثيرهم عصبياتهم الأجنبية.
3)- ضعف أمر العرب وضياع نفوذهم وبضعف العرب وهم أهل الفصاحة والبيان ضعفت الخطابة.
4)- قعود الخلفاء عن الخطابة فاستهان الناس بمواقف الخطابة وبقيت الخطابة مقصورة على خطب الجمعة والعيدين والمواسم وخطب الزواج ونحوها, وحل محل الخطابة فى الأمور السياسية بشرا المنشورات وفى الأمور الدينية مجالس الوعظ والتدريس فى المساجد والمدارس.

















الباب الثانى
الخطابة ومقوماتها

1- التعريف بالخطابة والفرق بين الخطابة وغيرها
الخطابة لغة أصلها من خطب-يخطب-خطبة وخطبا وخطابة أى وعظ وهو خطيب ج خطب
الخطابة إصطلاحا :
1)-  الخطابة هى فن من الفنون القول وقسم من أقسام النثر ولون من ألوان الفنية, تخقى بالجماهير يقصد الإستمالة والتأثير.
2)- الخطابة هى فن مخاطبة الجماهير بكلام بليغ للتأثير عليهم واستمالتهم.
3)-  الخطابة هى بمعنى الخطبة وهى الكلام المنثور المسجوع إو المزدوج أو المرسل الذى يقصد به التأثير والإقناع
بهذه التعريفات بامكاننا تحديد أركان الخطابة أو عناصر الخطابة وتلخيصها على النقاط التالية :
1- الفن              : أى الخبرة والمعرفة والسلكة
2- المخاطبة       : أى مشافهة والمواجهة
3- الخطيب         : أى ليس قارشا ولا ملقيا يقرأ كتابا أو يلقى موضوعا
4- الجمهور        : أى الجمع الكثير من المستمعين
5- الكلام البليغ  : أى المطابق لمقتضى الحال
6- التأثير           : أى إثارة العواطف وتنبيه الشعور
فإذا انعدم عنصر أو ركن من هذه الأركان لا ينبغى أن تسمى خطابة للأمور الآتية :
1-      إذا إنعدم الفن والخبرة كان الكلام تهريجا
2-      إذا عدمت المخاطبة كان الكلام تلاوة أو ترديدا
3-      إذا لم يوجد خطيب كان القاء وقد يكون بالنيابة عن غيره
4-      إذا لم يوجد جمهور كان الكلام حديثا أو وصية
5-      إذا لم يكن الكلام بليغا فإنه لا يؤدى الهدف المنشود
6-      إذا لم يحصل تأثير كانت عديمة الثمرة ومضيعة الوقت


-           الفرق بين الخطابة وغيرها :
1-      المحادثة هى الكلام مع غير الجماهير للإفهام والبيان
2-      المحاضرة هى الكلام مع الجماهير لشرح حقيقة علمية أو لبيان نظرية من النظريات
3-      الوصية هى الكلام مع غير الجماهير لحثهم على مافيه مصلحتهم شفقة بهم
4-      أم الخطابة فهى الكلام مع الجماهير لإثارة الشعور وبث الحماسة وتحريك العواطف واستمالة المخاطبين
فالخطابة المحادثة و الوصية و المحاضرة تشترك كلها فى فن النثر وتختص الخطابة والمحاضرة بالجماهير
-           الفرق بين الخطابة والمحاضرة
أ‌-           الغرض من المحاضرة هو القصد إلى حقيقة علمية أو نظرية فهى تعتمد على الحقائق لا الخيالات وتخاطب العقول لا العواطف وتستهدف العلم لا الإثارة وتخص غالبا المثقفين.
ب‌-     أما الغرض من الخطابة فهو القصد إلى فكرة ورغبة فهى تعمد إلى الإثارة والإقناع, وتخاطب العواطف  والشعور وتستهدف الاستمالة وتعم المثقفين وغيرهم.

2-     مقومات الخطابة
حتى تكون الخطبة جيدة لابد للخطيب أن يعد خطبته قبل إلقائها, وليس معنى ذلك أن يكتبها ويقرأها أمام الجماهير إلا إذا كانت خطبته رسمية تترتب عليها آثار قانونية أو سياسية لا خاصة فنية. ومن المستحسن أن لا يظهر الخطيب ما أعدها للخطيب المستجل فى الورق أو غيره.
هناك أمور مهمة لنجاح الخطابة ينبغى توفرها وأن يرعى الخطيب عند التقديم, وهذه الأشياءتعد من مقومات الخطابة وهى ما يلى :
1-       مراعاة الكلام لمقتضى الحال
يختلف الجمهور الذين حضروا إلى سماع الخطابة من ناحية عملهم وثقافاتهم ومعاشهم وغيرها فلا بد للخطيب مراعاة هذه الإختلافات والتنوعات عند إلقاء الخطبة. فالخطبة التى يلقيها الخطيب أمام الفلاحين والعامة غير الخطبة التى يلقيها أمام المثقفين الممتازين, والخطبة التى يلقيها الخطيب على طلاب الجامعة غير التى يلقيها على الطلاب المدارس المتوسطة والثانوية, والخطبة التى يلقيها فى مجتمع من السيدات غير التى يلقيها فى مجتمع من الرجال. فلذلك يجب على الخطيب أن يختار الأسلوب المناسب فى تكوين خطبته مراعات لحال المدعوين والجمهور والمستمعين والمتفرجين.
2-       وحدة الموضوع
المراد من وحدة الموضوع هو أن يحرص الخطيب أن يكون فى خطبته توضيح لموضوع واحد من المقدمة إلى الخاتمة, دون سواه. ووحدة الموضوع تستدعى أن يقدم الخطيب فى خطبته بمقدمة تناسبه ثم يعرض موضوع الخطبة بأيسر حل ثم يسوق الأدلة المؤيدة لرأيه من القرآن والأحاديث والأقوال الحكماء ثم يختم خطبته بخلاصة مما قاله فى خطبته, ويدعو الله أن يوفق الجميع لتنفيذ ما رآه.
3-       الوضوح
على الخطيب أم يرعى الوضوح فى كلامه عند إلقاء الخطبة حتى يسهل فهم السامعين والمشاهدين بخطبته. طبعا هذا يستدعى اختيار الألفاظ المفهومة والعبارات السهلة والبعد عن الألفاظ اللغوية الصعبة مع مراعاة ثقافة السامعين والتيسير عليهم وتفصيل ما هومبهم.
4-          بين الإيجاز والإطناب
على الخطيب أن يراعى حال السامعين وظروفهم فى خطبته بين الخطبة الموجزة والقصبرة المخلة والخطبة الطويلة المحلة, فبعض الموضوعات تستدعى الإيجاز وبعضها تستدعى الإطناب. وحتى يكون آراء الخطبة ناجحا لا بد للخطيب مراعاة هذه الأمور. فلكل وجه له إيجابياته وسلبياته, ففى الخطبة الموجزة من سلبياتها أنها لم يدرك السامعون هدفها ومن سلبيات الخطبة الطويلة أنها مملة. وبعض المصلين فى صلاة الجمعة مثلا يجتنبون المساجد التى اشتهر خطباءها بالإطالة المملة.
وعلى العكس إذا كان الخطبة قصيرة جدا سببت إلى البعد من الهدف حتى ولو فهم السامعون وأدركوا الهدف إلا أنه سرعان إلى النسيان. والخطيب يستطيع أن يدرك من عيون السامعين وهيئاتهم مدى رغبتهم فى الإستماع إليه أو انصرا فهم عنه.
5-          الإجتناب عن التكرار
وعلى الخطيب أن يتجنب التكرار فى خطبته إلا للضرورة والحاجة الماسة فى ذلك, لأن التكرار يؤدى إلى سآمة السامعين والمشاهدين, فلا يهتمون بما يقوله الخطيب. والمثال على هذا ما رواه الجاحظ : أن إبن السماك خطب يوما وجارية له تسمعه, فلما انصرف إليها قال لها : كيف سمعت كلامى ؟ قالت : ما أحسنه لولا أنك تكثر ترداده, قال : أردده حتى يفهمه من لم يفهمه, فقالت : إلى أنه يفهمه من لم يفهمه يكون قد مله من فهمه.[5]
الا أن من التكرار ما كان مرغوبا فيه سواء فى الخطبة أو غيرها فقد كانت الآيات القرآنية متكررة والكلمة فى الآية الواحدة متكررة أيضا, فهذهالتكرارات مما اقتضاه المقام فى إعجاز  القرآن الكريم.
وهذا مثال من خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم  كرر فيها بعض العبارات لأهميتها وذلك بعد غزوة حنين عندما وزع الرسول الغنائم الكثيرة للزعماء الذين اعتنقوا الإسلام حديثا ولم يعط الأنصار منها شيئا, فتحدث بعد الأنصار فى ذلك , فمشى سعد بن عبادة إلى النبى فأخبره بما حدث فخطب النبى أمام الأنصار حيث قال : "يا معشر الأنصار ألم آتكم ضلالا فهداكم الله ؟ ألم آتكم متفرقين فجمعكم الله ؟ ألم آتكم عالة فأغناكم الله ؟ ألم آتكم أعداء فألف الله بين قلوبكم ؟ قالوا بلى ..... فبكى القوم حتى أخضلت لحاهم, وقالوا : رضينا بالله وبرسول الله قسما.[6]
هذا التكرار فى خطبة النبى صلى الله عليه وسلم يوصل إلى الهدف من خطبته ويدل على قوة بيانه.











الباب الثالث
كيفية صياغة الخطابة وأنواعها

1-     كيفية صياغة الخطابة
اتفق علماء البيان وفن الخطابة على أن الهيكل الكامل للخطبة يبنى من أجزاء ثلاثة وهى : 1- المقدمة    2- الموضوع 3- الخاتمة
(1)- المقدمة أو الاستهلال
المقدمة هى ما بدأ به الخطيب كلامه وأول ما يطرق آذان السامعين تهئ  الأذهان لسماعها وتنبه الغافلين إلى أهميتها وتعطى الجماهير فكرة عن الخطيب وعن الموضوع الخطبة.
وللخطباء مذاهب شئ فى المقدمة ولا نستطيع حصرها وأن أفضل منهج فى المقدمة مرجعه إلى حسن تصرف الخطيب, إن المقدمة فى الخطبة بمثابة المفتاح للقفل حيث أنها تفتح الآذان وتنبه الشعور ليعى القلوب ما سيلقى. فمن الضرورى تنوع المقدمات بتنوع المواضيع. وفيما يلى أنواع المقدمة.
1-       فمن الخطباء من يفتح خطبته بما يشير إلى موضوعها, ويلوح بالقصد منها[7]
المراد من هذه العبارة التى ذكرها الإمام محمد أبو زهرة أن الخطيب فى بداية خطبته يذكر عن الموضوع الذى سوف يلقيه الخطيب طوال خطبته ولو باختصار. وهذا المنهج فى المقدمة يستحسنه الجاحظ وإبن المقفع كما ذكره الإمام أبو زهرة تعليقا على هذا المنهج
2-       زمن الخطباء من يبتدئ خطبته بحكمة أو مثل أو ببعض أقوال المتقدمين أو آية قرآنية أو حديث شريف يناسب المقام ويكون حجة فى الإستدلال.[8]
3-       وقد تبدأ الخطبة ببيت شعر وعبارات تثير الإنتباه وتجذب إليه الأنظار, كما فعل الحجاج بن يوسف الثقفى فى خطبته حين ولى العراق وكانت الفتن والثورات قد عظمت, فصعد المنبر متقلدا سيفا متنكبا قوسا معتما بعمامة قد غطى بها أكثر وجهه وسكن طويلا, فلما رأى عيون الناس تتطلع إليه فتح الغطاء عن فمه وقال :
أنا إبن جلا وطلاع الثنايا #
 متى أضع العمامة تعرفونى
إننى لا أرى أنصارا طامحة, وأعناقا متطاولة, ورؤوسا قد أينعت, حان قطافها, وإنى لصاحبها, وكأنى أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى تترقرق ......[9]
4-       وقد تفتح الخطبة بإحياء آراء قديمة من الخصال الحميدة, كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أنذر عشيرته الأقربين, إذا سألهم عن صدق حديثه فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : "أرايتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادى تريد أن تغير عليكم, أكنتم مصدقى ؟ فقالوا, نعم, ماجرينا عليك كذبا, فألقى عليه الصلاة والسلام خطبته.
5-       ومن الخطباء من يبتدئ خطبته بذكر كلام حصومه, ودلائلهم والدوافع التى دفعتهم إلى رأيهم, ثم يعقب بالنقضى  كما ترى فى كثير من الخكب السياسية وخطب الخصوم فى مجالس القضاء.[10]
6-       وقد يبتدئ الخطيب خطبته بالثناء على السامعين ليهيء نفوسهم لتلقى كلامه بالقبول, ومن هذا القبيل أيضا اعتراف الخطيب أمام الجمهور بأنه من الجماعة التى يخاتبها وأنه فى مستواها وأنه مدافع لها مثلا فى جزب معين أو فى جماعة من العمال أو الفلاحين أو غيرها.
7-       وقد تستهل الخطبة بالترحم على عظيم, كخطبة على رضى الله عنه يوم وفاة أبى بكر رضى الله عنه, حيث وقف على الباب الذى فيه أبو بكر الصديق رضى الله عنه, فقال : يرحمك الله أبى بكر, كنت ألف رسول الله وأنسه وثقته وموضع سره .... واسترسل فى تعداد مناقبه رضى الله عنه فما إنتهى كلامه حتى أبكى الحاضرين وعلت أصواتهم.
8-       وأما الخطب الدينية فيستحسن فيها أن تبدأ بالحمد لله والثناء عليه وببعض الأحاديث النبوية أو الآيات القرآنية التى تناسب المقام الدينى الذى يتكلم فيه.
وباختصار فمقدمة الخطبة يجب أن يكون قصيرا موهزا وأن يكون موافقا للموضوع
-      الإستغناء عن المقدمة
كان الخطباء فى صدر الإسلام وفى عصر الأموى والعصر العباسى يبتدئون خطبهم بالحمد لله والثناء عليه, وتعتبر الخطبة بتراء  إذا لم تبدأ بذلك, وهذا المنهاج يستمر عليه فى الخطب الدينية, وإذا لم يكن الموضوع دينيا فليختر من الإفتتاحات ما يناسب الموضوع.
وقد يستلزم المقام ترك المقدمة فى الحالات الآتية :
1)- إذا كان الموضوع واضحا لا يحتاج إلى لفت الأنظار
2)- إذا كان الكلام فى موضوع الخطبة قد سبق أن تناولها متحدث أو خطيب قبله
3)- إذا كان الكلام عن جزئية فى موضوع كتعليق على خطبة أو محاضرة
4)- إذا كان الكلام فى موضوع كثير التناول ولا يأتى الخطيب فيه بجديد
5)- إذا كان الوقت ضيقا, لا يتسع إلى مقدمة[11]
-   أمثلة من الخطب التى تستغنى عن المقدمة من السلف الصالح
أ-    فقد ترك النبى صلى الله عليه وسلم المقدمة فى خطبته عند بدء إعلان الدعوة حيث جمع قومه, وبعد حمد لله والثناء عليه : إن الرائد لا يكذب أهله, والله لو كذبت الناس ما كذبتكم, ولو غررت الناس ماغررتكم, والله الذى لا إله إلا هو, إنى لرسول الله إليكم حقا, وإلى الناس كافة, .....
ب- فقد ترك أبو بكر الصديق مقدمة الخطبة لخطرة الموقف  وشدة تطلع الحاضرين إلى الحقيقة المنتظرة عند وفات الرسول الله عليه وسلم حين كثر الكلام فى المسجد واختلط الأمر على الناس فاستنصت عمر فلم ينصت, فتركه وصعد المنبر فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس من كان بعيدا محمد فإن محمدا قد مات, ومن كان بعيد الله فإن حى لا يموت, فتلا قوله تعالى : " وما محمد إلا الرسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم"[12]
(2)- الموضوع أو المقصود أو العرض
موضوع كل خطبة هو الجزء الرءيس فيها, وهو المعنى الذى يقصد الخطيب إلى بيانه وهو الدافع له على أن يقوم خطيبا
-         أهم متطلبات الموضوع
1)- اختيار الموضوع
أن يحسن الخطيب فى اختيار الموضوع اختيارا مناسبا للمقام فلا يقدم موضوع حماسة وشجاعة عند تعزية, ولا يقدم فى الصلح بين المتخاصمين موضوع حمية وعزة وهكذا .....
2)- وحدة المقصود أو الموضوع
وإن وحدة الموضوع أمر ضرورى, إذ لا يحسن أن تكون الخطبة ذات مواضيع مختلفة تجمع فى وقت واحد, إلا إذا دعت إلى ذلك ظروف خاصة بالمستمعين.
3)- الترتيب والتنسيق
فيرتب موضوع الخطبة ترتيبا منسقا متواليا وتنظم معانى الخطبة مع ذكر أدلتها, فلا قوة ولا أثر للخطبة إذا لم ترتب ترتيبا حكيما
4)- تكييف الأسلوب
يلزم على الخطيب أن يحرص على الإهتمام بما يجدد نشاط السامعين ويشد انتباههم إليه, ومما يساعد على هذا الأمر تكييف الأسلوم وهو مايلى :
أ‌-           استخدام أسلوب التساؤل سواء بعد المقدمة أو عند وسط الخطبة, فيسأل الخطيب مثلا عن معرفة السامعين, أو عن علم السامعين أو السؤال باستغراب عن المسألة الخطير أو القضية المستجدة وغيرها.
إن أسلوب التساؤل كثيرا ما كان يستخدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى خطبته كما فى خطبة الودعز " أى يوم أعظم حرمة ؟ أى شهر أعظم حرمة ؟ أى بلد أعظم حرفة .....الاهل بلغت ؟
ب‌-     وأحيانا يعرض الخطيب قصة قصيرة ذات عبرة بالغة سواء أكانت من الأحداث الجديدة أو من التاريخ القديم
ج- وتارة يبتدئ الخطيب بنص من القرآن أو السنة أو من كليهما, فيفسرهما ويربط موضوع الخطبة بهما
5)- الإتياد بالأدلة, وإيراد الأدلة من أقوى عوامل الإقناع, وتنقسم الأدلة فى الخطابة إلى قسمين : 1)- أدلة منطقية         2)- أدلة خطابية
1)- أدلة منطقية وهى تقوم على ترتيب مقدمات وتنتج قضايا مسلمة عقلا, وهذه الأدلة لا تكون إلا فى مستوى علمى وفى مواضع علمية.
2)- أدلة خطابية وهى قسمان نقلية وعاطفية
فالنقلية مايكون من آية أو حديث أو حكمة أو كلام مشهور.
والعاطفية ماكان مستنتجا من شعور الناس وإحساسهم مما تعارفوا عليه, وهذا القسم يحسن فى المجالات العامة, او يكون تأثيره أقوى على العوام

(3)- الخاتمة
كانت الخاتمة عبارة عن آخر ما يلقيه الخطيب من خطبته, فلها الآثر الباقى الواضح فى أدهان السامعين وآخر ما يعلق بآذان السامعين وأبلغ أثرا فى نفوسهم
ويحسن أن تكون الخاتمة مشتملة على :
1-       موجز لما ألقاه الخطيب وتوضيح كامل لغايته
2-       وأن تكون الخطبة مثيرة للعاطفية, فإن كان الخطيب يريد من الخطبة التهديد أو إثارة الحماسة أو إثارة الرحمة مثلا ألقى فى الخاتمة أبلغ مايثيرها
2-       أنواع الخطابة
قسم أرسطو فنون الخطابة إلى ثلاثة أقسام تبعا للزمان من ماض وحاضر ومستقبل وهى الخطب القضائية و الخطب التثبيتية والخطب الشورية
الخطب القضائية هى الخطب التى تختص بالماضى والغاية منها الدفاع عن متهم بتبرئته  أو الحكم عليه بإدافته وهى من اختصاص المحامين والخطب التشبيتية هى الخطب التى تتعلق وتخصص بالزمن الحاضر من المدح والتأبين أو التعزية والشكر والطلب وغيرها
والخطب الشورية هى الخطب التى تتعلق بالمستقبل لحمل السامعين على جلب النفع للأمة أو الدفع الضرر عنها أو للتحريص على الحرب أو السلم وسن القوانين وغيرها[13]
ثم لما تقدمت الخضارة وتطورت أحوال المعيشة الدينية والسياسية والمدنية تنوعت الخطابة إلى فنون وموضوعات كثيرة ويمكن حصرها على مايلى :
1-       الخطب السياسية
هى التى تلقى فى المجالس النيابية أو الشورية عما يتلق بشؤون الدولةوتنظيم الدوائر وسن القوانين وغيرها, وهى تنقسم على أقسام
أ)-    الخطب النيابية هى التى تكون فى دور النيابة, وتشمل خطب الأعضاء وخطب الوزراء
ب)- الخطب الإنتخابية هى الخطب التى يتقدم بها لتزكية نفسه ومبادئه ومناهجه والرد على خصومه من يريد أن يكون نائبا عمن يخاطبهم, مبينا المصلحة التى تدعو إلى ترجيح كفته وتأييد دعوته
ج)- خطب النوادى أو الأحزاب هى الخطب التى ألقى أمام  أعضاء الحرب أو النادى أو الهيئة أو غيرها
د)- خطب المؤتمرات السياسية هى خطب الكبراء والنائبون عن الحكومات فى المؤتمرات الدولية أو غيرها
2-       الخطب القضائية
هى التى تلقيها رجال المحاماة أمام المحاكم القضائية
3-       الخطب الدينية
هى نوع من الخطب العامة وفن من فنونها تتميز بشروط خاصة وطرق معينة, وهى تسمى أيضا بالوعظ الدينى. ومصادرها الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح وغيرها
4-       الخطب العسكرية
هى التى يلقيها قواد الجيوش قبل الحرب يخضون فيها الجند على قتال الأعداء, والقصد منها إفهاض همم الجنود وإشعال نار الحماسة وإثارة الحمية والأقدام, وتهوين الموت وتحسين التضحية فى سبيل الشرف والكرامة
5-       المحاضرات العلمية
وهى نوع من الدرس تلقى فى النوادى العلمية والأدبية على الجمهور والمتعلمين, والمقصود منها الإفادة والإقناع بالمواضيع العلمية على إختلاف أنواعها
6-       الخطب فى المناسبات الخاصة
وهى تحتوى على أنواع عديدة منها :
أ)-    خطب المدح
هى التى يثنى فيها على من أجرى الله على يديه خيرا لأحد من الناس من ذوى المناسب والجاه فى دبيا البشر. والأسباب الحقيقة للثناء هى الفضائل النفسية لا غير, فيعنى فيها الخطيب بذكر ما جبلت عليه نفس الممدودة من الأخلاق الطريمة والعواطف الشريفة والمنهاج العلمى لخطب المدح ما يأتى :
أولا   : أن يفتح الخطيب الخطبة بذكر بعض الفضائل للممدوح وبيان أثرها فى المجتمع الإنسانى
ثانيا   : ذكر الظروف التى كان عليها الناس قبل الظهور الممدوح من جهة الدين والعلم والأخلاق وغيرها
ثالثا   : ذكر الفضائل النفسية التى عرف بها بين الناس كالحكمة والشجاعة والعفة والعدل وعزة النفس والحلم والرحمة بالضعفاء بدون مبالغة ولا تزلف إلى الممدوح
رابعا  : ذكر ما تم على يديه من جلائل الأعمال النافعة له ولأمته فى هذه الحياة
خامسا  : إن كان كريم الأصل ذا حسب ونسب ذكر المادح ما ترك أسلافه من الآثار الحسنة وأنه خير خلف لخير سلف
ب)- خطب الشكر
هى الثناء الجميل على المتفضل به بذكر مناقبه وذكر إحسانه. والمنهاج العلمى لها ما يأتى :
أولا     : ذكر صنيعة المحسن وارتياح المحسن إليه بقبولها
ثانيا     : تعظيم قدر الإحسان وذلك بتعريف حال المنعم عليهوقدر المحسن وفضله وبيان مقدار النعمة وحسنها وغيرها
ثالثا     : بيان أن هذه النعمة سيبقى ذكرها فى النفوس ما بقيت, فهو يسكره عليه ما دام حيا
 رابعا  : الدعاء لصانع المعروف والابتهال إلى الله تعالى أن يتولى مكافأته عليهز
ت)- خطبة التهنئة
وهى التى تلقى فى اجتماع عظيم, للإعراب عن الفرح بنعمة عامة كانتصار الدولة, أو بنعمة خاصة كرتبة سامية نالها صديق أو أخ أو غيره ولا تختص بالنعم الحادثة بل تتناول الحوادث القديمة كاستقلال دولة أو المواسم الدينية تذكارا لها. والمنهج العلمى لهذه الخطبة هو :
أولا : بيان الداعى إلى الإجتماع والنعمة الشاملة التى نالها القوم لإحياء ذكراها وسرورهم العظيم بها
ثانيا   : الإفاضة فى وصف تلك النعمة وتعظيم قدرها
ثالثا   : ذكر ما غمر المهنء من الفرح والسرور لنيل ما يسبب حصول المهنأ تلك النعمة وامتداحة لاستحقاقه تلك النعمة
رابعا : ختام الخطبة بالشر لله تعالى على هذه النعمة والدعاء للمهنأ بالحياة الطيبة
ث)- خطب التأبين
هى الخطب التى تقال عند موت أحد أو يوم إحياء ذكراه. وخطب التأبين قسمان :
1-   قسم تحليلى تدرس فيه نفس الرجل, وأخلاقه وأعماله وآثاره العقلية أو غير العقلية, وهذا من قبل المحاضرات العلمية فله خواصها ومظاهرها
2-   قسم لمجرد الثناء والمدح, وذكر المناقب ولواعج الألم[14]
والمنهاج لهذه الخطبة ما يأتى :
أولا     : افتتاح الخطبة بما يناصب المقام من آية كريمة أو حديث نبوى أو حكمة أو مثل أو بيت شعر وما إلى ذلك
ثانيا     : مدح الفقيد بذكر ما ثره وذكر حاله عند الموت وسبب الوفاة
ثالثا     : تسلية أهله وذوية ببيان أن الكل يشاركونهم فى الحزن وأنهم ليسواهم المصابين فيه وحدهم بل لهم فيه شركاء
رابعا   : ترغيب السامعين والحاضرين فى الإقتداء به والسير على نهجه ويسلم على الفقيد ويدعو له
ج)-   خطب الطلب
هى ما يلتمس بها الخطيب خيرا لنفسه أو لغيره
الطريقة المثلى فى خطب الطلب كالآتى :
أولا   : أن تعد نفس المنعم لقبول الطلب بستعطاف قلبه
ثانيا   : يعرض المطلوب مبينا أسبابه وصلاحيته وقدرتة المخاطب عليه
ثالثا   : الخاتمة بالشكر للمنعم مع الثناء والرجاء من الله تعالى أن يكافئه على حسن صنيعه



الباب الرابع
الخطيب وما يتعلق به

1-  الإرتجال
ارتجال الكلام بمعنى ابتدعه بلا روية.[15] والمراد من الإرتجال فى الخطبة هو إلقاء الخطبة بدون إعداد مسبق سواء من الورق أو الكشكول  أو غيرها
إن إلقاء الخطبة بطريقة الإرتجال هى من المرغوب فيها وهى من الصفات الخطباء الممتازين, وأما القارئ للخطبة فهو ليس بخطيب وإنما هو قارئ
وقد كان العرب أيام إزدهارالخطابة فيهم من أقوى الناس على الإرتجال, قال الجاحظ فى وصفهم : وطل شئ للعرب فهو بديهة وارتجال, وكأنه إلهام, وليس هناك معاناة .... وإنما هو أن يصرف وهمه إلى الكلام ....[16]
الخطبة بالإرتجال من قبل الخطيب لا تتم إلا توفرت فى المرتجل قوى ثلاث وهى :
1-       القوة النفسية هى أن يكون المرتجل متمتعا بقوة نفسية كافية بها يكون الخطيب واثقا بقدرته الكاملة على كا ما تقتضيه الموقف
2-       القوة العقلية هى الكفاءة الذهنية المتميزة فى إبداع موضوع الخطبة وتنسيقهوعرضه مع بسط الأدلة و الإهتمام بعناضر التأثير وغيرها
3-       القوة البيانية هى القدرة على توضيح موضوع الخطبة بكلام بليغ مع العناية بجودة التعبير ورشاقته. إن للبيان آفاق أبعادها بدون تحديد ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كلام ارتقى به صاحبه إلى أمق منها : "إن من البيان ليسحرا" رواه أحمد
-         مزايا الإرتجال
للإرتجال مزايا عديدة منها :
1)- إن الخطيب المرتجل يستطيع أن يغير مجرى خطابه تبعا لأحوال المستمعين والمشاهدين فى أسرع وقت
2)- إن للإرتجال أعظم الأثر فى تحريك انفعال الخطيب ولا يخفى أن التأثير فى المستمعين يشتد بمقدار تأثر الخطيب وانفعاله
3)- إن المشاهدين والمستمعين يعتبرون المرتجل خطيبا مما يزيد على تقلبهم
2- مؤهلات الخطيب
إذا اراد الخطيب أن ينجح فى مهنته لا بد له من أن يتحلى بمقومات أو مؤهلات التى تؤهله لهذه المهنة العظيمة فى الحياة الدعوية
إن تلك المؤهلات بعضها فطرى فى الإنسان وبعضها صناعى يكتسب بالتعلم والممارسة المتواصلة
أ)- المؤهلات الفطرية
(1)- الموهبة الفطرية هى الفطرة الطبيعية التى حصلها الإنسان من الله تعالى وميزه من غيره تسمى أيضا الموهبة الفنية وهى شرط أساسية فى كل مشتغل بالفنون, والخطابة منها
(2)- العقل الشليم والمراد به, هو الذى يتمتع صاحبه بالقدرة على البحث المركزودقة الملاحظة ... وسلامة الإنتاج ...
(3)- اللسان المبين هو السليم من العيوب, بحيث يكون طلقا لا يتلعتم ولا يشوه صفات الحروف ........[17]
ب)- المؤهلات الصناعية وهى المهارات التى تنال بها عن طريق التعلم والممارسة المتواصلة
(1)- الثقافة العلمية
على الخطيب لا بد أن يتزود بالثقافة الشاملة المتنوعة تتناول العلوم المختلفة منها
1)- العلوم الدينية وهى مشتملة على علوم التفسير والحديث والأخلاق والفقه والتصوف والتوحيد وغيرها
2)-  العلوم اللغوية : منها النحو والصرف والإعلال وقواعد اللغة وعلم اللغة وفقه اللغة وغيرها
3)- العلوم اللادينية مثل علم الاجتماع والعلوم الكونية  والفلك والعلوم الأخرى ولو بإيجاز
(2)- القدرة على مراعاة مقتضى الحال
فلكل مقام مقال, زلكل جماعة من الناس لسان تخاطب به, فالمشاهدون والمستمعون من أصناف الجماعات المتعددة, ولذلك وجب أن يكون الخطيب قادرا على ادراك الجماعة وما تقتضيه والإتيان بالأسلوب الذى يلاعه
(3)- سرعة البديهة
وهى تسمى أيضا حضور البديهة والمقصود منها قدرة الخطيب على معرفة شأن المستمعين و المشاهدين وقد يلقى الخطيب خطبته فيأتى بعض السامعين بالاعتراض  أو الطلب الإجابة عن مسألة أو غيرها, فإذا لم يوفى الخطيب هذه التساؤلات ضاعت الخطبة. وسرعة البديهة يمكن تنميتها بكثرة القراءة والمراد المستمر
(4)- التجمل فى الهيئة واللباس والزينة حتى يزيد من الخطيب فى الهيبة وقوة التأثير
3- صفات الخطيب
إضافة على ما ذكر من المؤهلات فى الخطيب هنا صفات لا بد للخطيب من تحليها منها :
(1)- قوة الملاحظة
(2)- قوة العاطفة
(3)- النفوذ وقوة الشخصية
(4)- الثقة بالنفس
(5)- رابط الجأش
(6)- جهير الصوت
(7)- قوى الحجة
4- آداب الخطيب وعيوبه
فى هذا الفصل سأقدم عن الآداب التى يجب أن يتحلى بها الخطيب كى تكون خطبته مؤثرة عند المستمعين و المشاهدين ويعود بالفائدة لها, ثم نأتى بعد ذلك بعرض العيوب التى لا بد للخطيب من اجتنابها
(أ)-   آداب الخطيب
1)- التودد من السامعين
التودد هنا يكون بالتواضع للمشاهدين والمستمعين, فلا يكون خاشيا خشنا, وأن يمدح الجماعة التى يخاطبها, ويذكر بأحسنها. ويجب على الخطيب فى تودده للجماهير أن يبين لهم أنه يسعى لمسلحتهم وصلاحهم وليس للمصلحة الخاصة بالخطيب
2)- طلاقة اللسان
اللسان هو أداة الخطيب الأولى, فلا بد أن تكون الأداة سليمة كاملة, ليتسنى له استعمالها على أكمل وجه. وطلاقة اللسان تؤدى إلى حورة الإلقاء وحرص الخطيب عليها تزيد من تأثر السامعين بكلامه
3)- الجمال
الجمال هنا فى جميع الوجوه من المظهر والإلقاء والهندام وغيرها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله جميل يحب الجمال", والجمال فى الأسلوب يتجلى بتنويع العبارت بين التقرير و الاستفهام والتعجب والقصر والإطناب والنفى والإيجاب وغيرها
4)- التجمل فى الشارة والملابس
والشارة هى بمعنى العلامة أو الهيئة أو المنظر هذه الصفة يمكن أن تدخل من ضمن ما يجب أن يتحلى بها الخطيب ويدخل فى الآداب التى لا بد للخطيب من أن يسلكها
فلا بد للخطيب إذاأن يكون فى منظر جميل  وأن لا يلبس الملابسة القذرة أو الممزقة, وإذا كان الله سبحانه يوصينابالتزين عند كل مسجد حيث قال الله تعالى : خذوا زينتكم عند كل مسجد فينبغى للخطيب أن يأخذ زينته عند كل خطبة فيكون نظيف الثياب وطيب الرائحة ومهيب المنظر فى غير تكلف
5)- تجنب التعالى على المستمعين
على الخطيب أن لا يتعالى على المستمعين إليه, سواء أكان ذلك تباهيا بعلمه أو بتقواه أو بأى شئ آخر, وإنما عليه أن يتواضع لسامعيه ومشاهديه
ب)- عيوب الخطيب
بعد عرض آدب الخطيب نأتى إلى توضيح عيوب الخطيب وهى تنقسم إلى قسمين : (1) العيوب البيانية (2) العيوب الفعلية أو الهيئة
(1)    العيوب البيانية
وهى تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
- القسم الأول : ما يتعلق ببيان المراد و الوصول إلى الغرض, وهو ما كان منشؤة عدم اليسر على قوانين الخطابة, وعدم ملاحظة فن الإلقاء كعدم مراعاة مقتضى الحال أو عدم انتظام الإشارات وكون الصوت عند الإلقاء مطردا أو السرعة الزائدة أو غيرها .... وهذه كلها فى الإبتعاد عن هذه العيوب المعرفة التامة بأصول هذه العلم والمراد والممارسة على البيان الجيد.[18]
-         القسم الثانى : عيوب النطق
وهى كثيرة وأكثرها شيوعا, اللثغة والتمتمة والفأفأة واللفف والحبسة
أما اللثغة فهى تعذر النطق بحرف, والنطق بحرف آخر بدله
وأما التمتمة فهى التتعتع بالتاء
وأما الفأفأة فهى التتعتع فى الفاء
وأما اللفف فهى إدخال بعض الكلام فى بعض
فإن هذه العيوب معظمها بسبب عارض جثمانى أصاب الجسم. ولكن إذا كان هناك حل لهذه العيوب فعلى الخطيب أن يتدرب لمعالجة هذه العيوب
-         القسم الثالث : العيوب الصوتية
كأن تكون رنات الصوت مزعجة أو لا تكون من القوة بحيث تسترعى الإنتباه أو يكون أو يكون بالخطيب صيق تنفس بحيث لا يستطيع أن يقول كلاما مفيدا ..... وهذه العيوب بعضها يعالج بالمراق وبعضها يستعان عليه بالطب مع المران[19]
(2)    العيوب الفعلية أو الهيئة
وهذه العيوب منها :
1)- المبالغة فى الحركات والإشارات
على الخطيب أن يتجنب المبالغة فى الحركات والإشارات والمواقف التمثيلية المتكلفة وغيرها مما تؤثر على الأداء الجيد فى إلقاء الخطيب من الخطيب
2)- الإعادة والتكرار المملة
لأن الإعادة والتطرار التى تدعو إلى الإملال سوف تسبب على عدم التنسيق وعدم النتباه من المشاهدين والمستمعين
(3)- الإطالة المملة والإيجاز الناقص
(4)- التقعر فى الكلام والتكلف فى الخطاب
هذه الأشياء كلها فى عيوب الخطيب لا بد من الامتعاد عنها الخطيب حتى تكون الخطبة نافدة ونافعة للمشاهدين والمستمعين


الباب الخامس
الخطابة فى الإسلام

لما كان مبدأ كل تغير عظيم فى اية أمة, أما دعوة الدينية أو سياسية, وكانت تلك الدعوة تستدعى ألسنة قوالة من أهلها لتأييدها ونشرها, وألسنة من خصومها للمد عنها, وذلك لا يكون إلا بمخاطبةالجماعات فى المحافل والحج والمواسم والأسواق وغيرها
كان ظهور الإسلام وبعثة الرسول صلى الله عليه وسلم بالأمر الجلل والشأن الخطير والدعوة العظمى لا مثيل فى العالم, من أهم الحوادث وأعظم البواعث فى ظهور فن الخطابة الذى يختلف عما كان فى الجاهلية
1-     الخطبة الأولى للرسول صلى الله عليه وسلم
ابتدأ طور الخطابة الإسلامية بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا غير شاعر
1)- ولقد كان أول موقف وقفه للخطابة يوم نزل عليه قول الحق تبارك وتعالى : "فاسدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين" (سورة الحجر : 94). فدعا قومه وهو على الصفا, ثم قال : (أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادى تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقى ؟ قالوا : نعم, ما جربنا عليك كذبا, قال : فإنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد), فكان ما كان.
2-       ولما نزل عليه قوله سبحانه تعالى  : وأنذر عشيرتك الأقربين" (سورة الشعراء : 214) جمعهم عليه الصلاة والسلام, ثم قال : (إن الرائد لا يكذب أهلهوالله لو كذبت الناس جميعا ما كذبتكم, ولو غررت الناس جميعا ما غررتكم, والله الذى لا إله إلا هو إن لرسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة, والله لتموتن كما تنامسون ولتبعثن كما تستيقظون, ولتحاسبن بما تعملون, ولتجزون بالإحسان احسانا وبالسواء سواء, وأنها لجنة أبدا أو نار أبدا)[20]
3-       فكان العمل الأكبر لصحب هذه الدعوة العظمى صلوات الله وسلامهعليه بادئ أمرهفى تبليغ القرآن عن طريق الخطابة, ثم ورثها من بعده صلى الله عليه وسلم خلفاءه الراشدون, وهم أركان البلاغة وسادة الفصاحة.
2- هدى الرسول صلى الله عليه وسلم فى خطبته
1-       كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اراد بيان أمر أو جد جديد يحتاج إلى بيان, صعد المنبر وخاطب الناس, كما فى قصة بريرة لما اشترط أهلها على عئهة رضى الله عنها أن تعتقهاويكون الولاء لهم, خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن كل شرط ليس فى كتاب الله فهو باطل : "الولاء لمن أعتق"
2-       روى إبن إسحاق فى غزوة بدر, فقال : ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحرضهم على القتال وقال : "والذى نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر الا أدخله الله الجنة".
فكان لكلماته صلى الله عليه وسلم أقوى تأثير فى نفوسهم, جعل أحد المقاتلين وهوعمير إبن الحسام  يستعجل الموت ويستطيل الحياة فيقول : بخ بخ, أفما يبنى وبين أن أدخل الجنةالا أن يقلنى هؤلاء وكان بيده تمرات بأكلهن, فقذف بهن  وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل, وبهذا الروح اندفع مؤمنون إلى قتال العدو ونصرهم الله تعالى.
3-       وقد كان خطبته فى حجة الودع خلاصة عامة جامعة شاملة لمهام الدين وأسس التعامل, منها : أى يوم هذا فى أى شهر هذا فى أى بلد هذا" وفى كلها يجيب المسلمون بأنها أوقات واماكن محرمة.
فيقول صلى الله عليه وسلم : "ان دماءكموأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا", ثم يوصى بالنساء خيرا إلى غير ذلك مما اشتملت عليه من البيان والبلاغ فى أعظم جمع للمسلمين
بهذه الأحاديث وغيرها نستطيع أن نستنبط بأن الرسول صلى الله عليه وسلمجعل الخطبة وصيلة هامة وفعالة فى بيان شرائع الدين والتحريض على القتال وغيرها. وهكذا كانت خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتوى دائما على الهدى والنور الذى يهدى الحيارى وينير الطريق للسالكين الذين يريدون خير الدنيا و الآخرة.
3- منزلة الخطابة فى الإسلام
تحتل الخطابة فى الإسلام مكانة عالية لما يأتى :
1)- جعل الله الخطابة شعار كل امام فى حفل دينى  أو سياسى كالجمعة والعيدين وموسم الحج وعند أخذ العدة للجهاد, وفى كل أمر جامع لنشر فضيلة أو نهى عن رذيلة أو غعلان نصر أو تأكيد وصية عامة أو خاصة إلى غير ذلك من الأمور ذوات البال ك
2)- من أجل ذلك كان رسل النبى صلى الله عليه وسلم إلى الملوك, وأمراء جيوشه وسراياه, ثم خلفاؤه من بعده وعمالهم, كلهم خطباء مصاقع
3)- إن الشرع صرف الخطباء  عن الشرع الذى ينهض بأعباء الخطابة ولاسيما فى المسائل الدينية لشرح الحقائق بالحجج العقلية والنقلية, والترغيب فى الثواب والترهيب من العقاب
4)- الخطبة تؤدى بعبارات تناسب الخاصة والعامة بدون قيود الوزن والقافية, وبالإقتباس من القرآن والسنة المحمدية
4- مقومات الخطابة وعوامل ازدهارها فى الإسلام
يرجع الفضل فى مقومات الخطابة وعوامل ازدارها فى الإسلام إلى الدين الإسلامى وكتابه المبين للأسباب الآتية :
1-       إن القرآن الكريم بتراكيبه العالية وأساليبه المبينة, قد أكسبت العرب المسلمون ملكة من البلاغة فى انتقاء المعانى وتخير الأساليب فصاروا يقلدونه وينسجون على منواله ويزينون خطبهم بذكر آى منه حتى أنهم كانوا يعيبون الخطيب المصقع إذا خلا كلامه عن القرآن
2-       إن ما جاء فى القرآن الكريم من الترغيب والترهيب, والوعد والوعيد بالإضافة إلى الأسلوب البليغ المعجز وما كان من التأثير فى القلوب أعانهم على التفنن فى الأساليب الوعظ الخطابى عند قدوم الأزمات أو الحاجة إلى تأليف قلوب الجماعات, كما صنع أبو بكر رضى الله فى خطبته يوم الثقيفة التى امتلك بها القلوب المهاجرين والأنصار.
3-       ما جاء فى الإسلام من تهذيب الأخلاق ولين الطبائع وغيرها أثرت فى خطبهم
4-       ان الدين الحنيف بما هيئ لهم من الفتوحات ومخالطة الأمم وبما منحهم من سعة السلطان والسيادة وفر لهم الأسباب الداعية إلى التوسع فى الخطابة فى الملك والعمران وعادات الأمم وأخلاقها
-         ميزة الخطابة فى عهد الإسلام عن الخطابة فى عهد الجاهلية :
(1)- كانت الخطابة فى عهد الإسلام تلقى فى المناسبات الدينية مثل خطبة الجمعة والأعياد والحج والكسف والوعظ والإرشاد
(2)- استخدام الخطبة كوسيلة وخط سياسية مثل تكوين الأحزاب والجمعية وتأليف الجماعات وتوحيد الكلمة والتحريض على الجهاد ولإعلاء كلمة الله فى مثل التحريض على القتال وتنصيب الملك بحالة تخالف ما كانت العرب عليه فى الجاهلية
(3)- يتميز الخطباء فى عصر الإسلام بصفاء ألفاظهم وسهولة عبارتها, ومتانة أساليبهاوتجنبها سجع الكهان وقلة القصائد والحكم القصيرة, سواء فى مناسبة أو غير مناسبة, خلافا لما كانت عليه فى الجاهلية
(4)- تمتاز الخطب فى عصر الإسلام بقوة التأثير ووصولها مباشرة إلى سويداء القلوب وامتلاكها الوجدان والشعور وتلين القلوب القاسية وتسيل الأعين بدموعها
(5)- اتباع الخطب فى ذلك العصر النهج القرآنى فى الأسلوب والإقناع واستمدادها من آياته, حتى اشترط بعض العلماء فى فن الخطابة اشتمال الخطبة على شيء منه
(6)- ابتدأ الخطبة بحمد الله عز وجل والثناء عليه تعالى والصلاة على النبى وآله وصحبه
5-  موضوعات الخطابة فى عصر صدر الإسلام
كانت الدواعى الخطابة وموضوعاتها فى عصر صدر الإسلام تتفق مع ما طرأ عليهم من أحوال وشؤون سياسية واجتماعية. ويمكن حصرها على الأرقام التالية :
(1)- الدعوة إلى الإسلام
فقد جاء النبى محمد صلى الله عليه وسلم بذلك الدين الجديد هو الإسلام ..... فناداهم بأبلغ القول, وخاطبهم بأروع الكلام وخطب فى مجامعهممؤيدا رسالته ..... فالخطابة كانت الأداة الأولى للدعوة المحمدية وكانت السلاح الذى يرفعه حضومه فى الرد عليه, فكانت تلك الدعوة سببا فى الإنتشار الخطابة .....[21]
(2)- بيان الأحكام الشرعية
فقد كانت الخطابة وسيلة استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته فى تبين أحكام الإسلام وشرائعه وحدوده خصوصا لما دخل الناس إلى دين الإسلام أفواجا بعد الهجرة مثل خطبة صلى الله عليه وسلم أمام النساء المسلمات وخطبته أيضا فى حجة الوداع وغيرها
(3)- مبدأ الشورى
فقد ظهر جليا من خلال عرض النبى فى خطبته على مبدأ الشورى بين أصحابه بإلقاء الخطبة المتبادلة بينه وبين أصحابه, ونستطيع أن نقول على هذا المنهج بالحوارات الخطابية, وأقرب مثل ذلك على ما يلى :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد أمرا خطيرا استشار أصحابه, وتلك الشورى تكون بخطبة قيمة, يعرض عليهم الأمر فيها, ويتعرف رأيهم, ويأخذ بما اتفقوا عليه, ورجحوه ليكون فى ذلك قدوة للمسلمين, .....[22]
ومما استشار فيه النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه مسألة فداء أسرى بدر, والخروج إلى المشركين فى غزوة أحد, وقد نهج الخلفاء الراشدون منهجه صلى الله عليه وسلم فى هذا المسلك, فأبو بكر كان يستشير الصحابة فى كل أمر ذى شأن,  ويتعرف رأيهم إذا التبس عليه عليه حكم ن الأحكام, وكذلك كان عمر رضى الله عنه[23]
(4)- الحرية الشخصية
من موضوعات الخطبة فى صدر الإسلام هو الدعوة إلى الحرية الشخصية وابداء الرأى بالحرية والاستفسار بدون خوف إلى أحد, وهذا هو مبدأ الإسلام
فقد شاهدنا فى صدر الإسلام الصحابة إلى وهويسأل إلى النبى صلى الله عليه وسلم أو إلى الخليفة عن مسألة من مسائل المسلمين, والمثال على ذلك : إن المرأة تقطع على عمر خطبته عندما دعى إلى حد المهور تالية قوله تعالى : "وأن اتيتم احدهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا, أتأخدونهبهتانا وإثما مبينا" فيقول : أخطأ عمر وأصابت إمرأة[24]
(5)- الجهاد فى سبيل الله
 الجهاد فى سبيل الله صار موضوعا مهما فى الخطابة, عند التحريض عن قتال المشركين. فالجهاد فى سبيل الله فتح بابا واسعا فى الخطابة, فالمقاتلون فى حاجة إلى التحريض على القتال. فالجيش من غير روح تدفعه كالسيف من غير يد, وتغدية الروح بالخطابة.
6- الخطبة المنبرية وحكمة مشروعيتها
المنبر أصلها من نبر بمعنى رفع, نبر القارئ أى رفع صوته ونبر الشيء أى رفعه, انتبر الخطيب أى ارتقى المنبر. والمنبر معناها مرقاة يرتقيها الخطيب أو الواعظ فى المسجد. [25]
فالخطبة المنبرية هى الخطبة أو الواعظ يلقيها الخطيب من المنبر لمناسبة فرضية مثل خطبة الجمعة أو غير فرضية مثل خطبة صلاة العيدين أو لمناسبات أخرى مثل الحفل بذكر مولد الرسول أو استقبال السنة الجديدة أو ذكرى الإسراء والمعراج والواعظ يلقى موعظته من المنبر
الخطبة المنبريةنمالبا يقوم بها الخطباء والوعاظ والمرشدون وهم يتكلمون فى الأغلب على المواعظ الدينية. والوعظ الدينى هو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر, حيث قد قد أجمعت عليه الشرائع وانفقت على وجوبه الأديان, وهو المهم الذى ابتعث الله له النبيين أجمعين.
إن الغاية من مشروعية الخطبة المنبرية وفرضية الاستماع إليها فى يوم الجمعة أنها تذكرة وعبرة وعظة ودعوة إلى الخير والصلاح والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وفيها حث على التمسك بالإسلام ومحاربة للفواحش والمنكرات وتصحيح للاغرافات وتفصيل للحق والهدى, وتحذير من الباطل والهدى, غلى غير ذلك مما يجدد للمسلمين صلتهم بدينهم ويدعم إيمانهم, وينصرهم لفروض العبارات وواجبات الطاعة وأركان الإسلام وأسباب الفلاح ويبعدهم عن المجال الفسوق والضلال ومعاصى الله.
-   الخطبة المنبرية عبر العصور
وفى صدر الإسلام كانت الخطبة تلقى ارتجالا وسليقة, حيث لازالة اللغة العربية عزها وسلطانها, ولازال الناس حديث عهد أرباب البلاغة من العرب الخلص الذين تحصنوا بالبارية والضحراء من عدوى العجمة واللحن حينما كثر الداخلون فى الإسلام من الأعاجم, ومع ذلك فقد حافظت اللغة العربية على عزها قرونا طويلة بفضل توفر العلماء والأدباء والشعراء والكتاب والرواة, وبفضل الحركات العلمية والأدبية التى كانت تقوم فى كل قطر من أقطار الإسلام
وفى هذا الوقت كان للخطابة الدينية المنبرية من العز والسلطان وقوة التأثير وبلاغة التذكير وروعة البيان والتبيين مما كانت معه من أكبر وسائل الإعلام والإرشاد والإصلاح وأبلغ صور الهداية والتوجيه فى الحياة الإسلامية العامة.
ولقد كان تأثير هذه الخطب فى تلك الفترة يغمر القلوب والمشاعر والنفنس, ويصل إلى أعماق الضمائر لتفتح الأفئدة للإسلام, ولما كان يتمتع به الخطباء والعلماء والمصلحون من علو الهمة وشرف النفس والتقوى والصدق والإخلاص
ثم مرت على المسلمين فترات تأخر وضعف فى الخطبة المنبرية, فوقف العقل وجمد الفكر فضاعت أصول الخطبة الدينية المنبرية, حتى وصل المسلمون إلى هذه المرحلة الخطيرة من الإنهيار فى الدين والعلم والخلق وضعف الوازع الدينى وتعطيل الشريعة الإسلامية أيام عصر التقليد والإستعمار الغربى على الول الإسلامية.
ويعود السر فى ذلك فى تأخر المسلمين وانهيار أسس الإسلام إلى ظلم الإستعمار وطغيان المادة وسيطرة الأهواء واتباع الشهوات واستحكام أسباب الغفلة لدى العمة من حجة وعدم توفر أسباب القدوة والإخلاص لدى أكثر الخطباء وقادة المسلمين من جهة أخرى
ثم عادت الصحوة الإسلامية وانتعشت الدعوة وارتقت الخطابة المنبرية وتعود مرة أخرى على ماكانت عليها أيام ازدهارها إلى أيامنا الحاضر. وستبقى على هذه الحالة من النمو والإرتقاع مادمت القدوة الصالحة موجودة من العلماء والأمراء السائرين من درب السلف الصالح



الباب السادس
عرض ودراسة لبعض الخطب المشهورة

مما لا شك فيه أن أهم خطب القيت فى صدر الإسلام إنما هى الخطب الذى القاها أفصح الأمة وقائدها ومرشدها ورسولها محمد صلوات الله وسلامه عليه فى مواقف عديدة, لأن حياته كلها كانت دعوة وبلاغا وكلامه كله كان تعليما وبيانا اما نزل إليه من ربه, ولا غزو فهو أفصح العرب بيد أنه من قريش.
ثم يأتى من بعده خلفاءه الراشدون والصحابة أجمعين كانوا من البلغاء والفصحاء, وهم خطباء مصاقع, فقد كثر عدد الخطباء النابقين فى ذلك العصر وبعد النبى صلى الله عليه وسلم وأقله منزلة من الصحابة على الترتيب. أولهم على إبن أبى طالب ثم أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم عبد الله بن عباس
وفيما يلى نموذج من خطبهم :

1)- أول خطبة النبى صلى الله عليه وسلم بمكة المكرمة
حمد لله وأثنى عليه ثم قال : ان الرائد لا يكذب أهله, والله لو كذبت الناس جميعا ما كذبتكم ولو غررت الناس جميعا ما غررتكم, والله الذى لا اله الا هو إنى لرسول الله عليكم خاصة وإلى الناس لتبعثن كافة, والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تيتبقظون, ولتحسبن بما تعملون, ولتجزون بالأحسان احسانا وبالسوء سوءا, وإنما لجنة أبدا أو نار أبدا[26]
الدراسة :
إن هذه الخطبة كانت نهاية فى الدقة والعمق وكلها دروس وقواعد, فالمقدمة مشتملة على مثيرات للشعور والتطلع, وهذا ما يتناسب مع أهمية الموضوع والعناية به كما أن أسلوب التوثيق والتقوية مستمر فى عرض الموضوع  حيث قال : "والله الذى لا إله الا هو " لكما فيه من روعة فى التقديم وقوة فى التركيب حيث جاء الأقسام بما يريد أن يحملهم عليه من توحيد الله تعالى, وكأنه واثق من ذلك ومقدر ذلك منهم فيقسم لهم بما ينازعونه فيه, أما المقسم عليه فقوله : إنى لرسول الله إليكم خاصة, وإلى الناس كافة"
وفى تخصيصه بمهمته وتنعيم الناس بعدهم أمران مهمان :
الأول    : تركيز المسئولية عليهم وتحميلهم أعباءها ليأخذوها ويبلغوها للناس عامة فى حياته ومن بعده أى لا أتباع بل دعاة.
الثانى    : تنبيه العواطف الأهلية فى تخصيصهم بها, لما فيها من مصالح عامة وسعادة تامة فهم أولى بالتقديم فيها على غيرهم والناس عامة من بعدهم
وبديهى أنهم سيذكرون تلك الدعوة الجديدة بقلوبهم وتثقل على آذانهم ويصعب تقبلها وتفهمها على عقولهم فكان لا بد من أدلة واضحة تساند الجوانب العاطفية أدلة قاطعة فقدم ما يسلمون به من صدقه ودعمه بالعواطف الأهلية وانتقل ‘لى محسوس دائم فقال : "والله لتموتن كما تنامون" نعم إنهم لم ينكروا الموت لأنهم يعاينونه كل يوم, وإنما جىء به ليبنى عليه ما بعده وهو المقصود له فقال :  "ولتبعثن كما يستيقظون" أى لئن عرفتم الموت كالنوم بجامع فقد الإحساس, ثم علمتم اليقظة منهبعودة الإحساس غليكم بالاستيقاظ فكذلك البعث بعد الموت فهو كالاستيقاظ من النوم. فاذا آمنوا بالبعث أو تصوروه أو ألزموابه جاءت النتيجة من هذا الإيمان فقال صلى الله عليه وسلم "ولتحاسبن بما تعلمون" ولازم النتيجة كذلك "ولتجزون بالإحسان إحسانا وبالسوء سوءا" ثم بيان هذا الإحسان وذاك السوء وأنهما بالجنة أو النار
وعند التأمل نجد الخطبة قد اشتملت على مايأتى :
أثبات الرسالة ثم الإخبار بالبعث ومافيه. وهما مبدأ الدعوة ةأساسها, فالإيمان برسالته من الله يستوجب لزوم الأخذ بكل ما جاءهم به عن الله. والإيمان بالبعث والجزاء يبعث على فعل الإحسان وتجنيب الإساءة, واثارة عوامل الرغبة والرهبة بالنسبة للجنة والنار. وفى ذلك الكفاية بالمقصود فى بدء الدعوة وإليه المنتهى عند نهايتها
ويؤخذ من هذه الخطبة ما يأتى :
1-     أهمية الصدق للخطيب كعامل لنفى التهمة عنه
2-     استياق الخطيب لنفسه كعامل لالزام المستمعين
3-     تقديره للموقف وتكييف موضوعه كعامل لتقوية وتمكنه من آدائه
4-     ربط المقدمة بالموضوع بما يجانسه من المحسوس
5-     استخدام وسائل الإثارة إهلية أو شخصية
6-     زيادة التوثيق بالقسم إن لزم الأمر
7-     التدرج من المسلمبه إلى المنازع فيه
8-     الانتقال من النتائج إلى لوازمها

2)- أول خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المدينة المنورة
حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله, ثم قال : "أما بعد أيها الناس فقدموا لأنفسكم, تعلمن والله ليصعقن أحدكم, ثم ليدعن غنمه ليس راع, ثم ليقولن له ربه وليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه, ألم يأتك رسولى فبلغك وآتيتك مالا, وأفضلت عليك, فما قدمت لنفسك ؟ فلينظرن يمينا وشمالا, فلا يرى شيئا, ثم لينظرن قدامه فلا يرى غير جهنم, فمن استطاع أن يقى وجهه من النار ولو بشق من تمرة فايفعل, ومن لم يجد فبكلمة طيبة" فان بها تجزى الحسنة عشر أمثالها ‘لى سبعمائة ضعف, والسلام عليكم وعلى رسول الله ورحمة الله وبركاته[27]
 الدراسة
فى هذه الخطبة توضيح لأفراد المجتمع الإسلامى الجديد فى المدينة بالدور الذى يجب أن يقوم به هذا المجتمع, والمسئولية الملقاة على عاتقه والغاية التى من أجلها وجد من هذه الحياة ولذالك يلفت الرسول صلى الله عليه وسلم نظر هذا المجتمع إلى تلك الحقائق للعمل على تطبيقها لكى تكون حية نابضة فى نفوس كل المسلمين فى جميع بقاع الأرض وهى :
أولا    : الدنيا ميدان للعمل الصالح وعمر الإنسان فيها محدود, وقد يفجئه الموت فى أى لحظة فينبغى أن يستعد للقاء الله ويتزود بالتقوى وفعل الخير تحقيقا لقول الله تعالى " يآأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون". سورة الحشر الآية 18) فيقول صلى الله عليه وسلم : "أما بعدأيها الناس فقدموا لأنفسكم تعلمن والله ليصعقن أحدكم ثم ليدعن غنمه ليس لها راع"
ثانيا    : الإنسان يوم القيامة سيحاسب حسابا عسيرا على كل صغيرة وكبيرة وليسألن يومئذ عن النعيم والنعم التى أنعم الله بها عليه وأولها نعمة الإسلام وشرح صدره له فيقول صلى الله عليه وسلم : "ثم ليقولن له ربه وليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه : ألم يأتك رسولى فبلغك وآتيتك مالا وأفضلت عليك فما قدمت لنفسك ؟
ثالثا    : الأنسان لن ينفعهم يوم القيامة الأ ما قدمت يداه "يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله" (آخر سورة الإنفطار) فيقول صلى الله عليه وسلم : "فلينظرن يمينا وشمالا فلا يرى شيئا ثم لينظرن قدامه فلا يرى غيرجهنم"
رابعا : الحياة الدنيا مزرعة للحياة الآخرة فمن زرع هنا الخير والعمل الصالح حصد يوم القيامة الثواب العظيم والأجر الجزيل, ومن زرع هنا الشر والعداء حصد يوم القيامة العذاب الأليم, والشقاء الدائم مصداق لقول الله سبحانه "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يراه. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يراه" (سورة الزلزلة الآية 7-8) فيقول صلى الله عليه وسلم : "فمن استطاع أن يقى وجهه من النار ولو بشق من تمرة فليفعل ومن لم يجد فبكلمة طيبة فان بها تجزر الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف"
ومما لا ريب أن المجتمع الإسلامى الأول استجاب لتلك التوجيهات وطبقها تطبيقا حقيقيا

3)- خطبة أبى بكر الصديق رضى الله عنه بعد بيعه خليفة للمسلمين
اجتمع المسلمون فى سقيفة بنى ساعدة واختاروا أبابكر خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعوه البيعة الخاصة.
وفى اليوم التالى توجه رضى الله عنه إلى المسجد حيث بايعه المسلمون البيعة العامة وعلى أثرها خطب فى الناس خطبته المشهورة والتى توضع أسلوبه فى الحكم حيث قال بعد حمد الله والثناء عليه.
"أيها الناس : إنى قد وليت عليك وليست بخيركم فإن رأيتمونى على حق فأعينونى, وأن رأيتمونى على باطل فسددونى, أطيعونى ما أطعت الله فيكم, فاذا عصيته فلا طاعة لى عليكم, ألا إن أقواكم عندى الضعيف حتى آخذ الحق له, وأضعفكم عندى القوى حتى آخذ الحق منه, أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم. [28]
الدراسة
1-     فى هذه الخطبة يقرر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. الأول مبدأ المساواة بين البشر ذلك الذى شرعه الإسلام للقضاء على التفاوت بين الطبقات حيث يعلن أن الخلافة لا ترشحه للأفضلية على غيره من عباد الله, بل هى مسئولية يناشد المسلمين أن يعينوه على القيام بها على أكمل وجه, فإذا أحسوا انحرافا أو إعواجا فيجب عليهم أن يقوموه وأن يحولوا  بينه وبين التردى فى مهاوى الفتن والضلال. فيقول : أيها الناس : إنى قد وليت عليكم ولست بخيركم, فإن رأيتمونى على حق فأعينونى وإن رأيتمونى على باطل فسددونى.
2-     ثم يبين هذا المبدأ المهم فى تكوين المجتمع الإسلامى وهو أنه "لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق "فالكل عباد الله ويجب أن يتوجهوا إليه وحده لاشريك له بالعبادة والطاعة, فإذا رأوا من يطيع الله من أولى الأمر أعانوه وأطاعواه فيما فيه طاعة لله, وغن رأوا عصيانا لله ممن ولوا أمر المسلمين فلا طاعة له عليهم. وما أعظمه من مبدأ يربى فى أفراد المجتمع الشجاعة الأدبية واليقظة التى تحمى المجتمعات من الإنهيار والتفكك حيث يقول : "أطيعونى ما أطعت الله فيكم, فإذا عصيته فلا طاعة لى عليكم, الا ان أقواكم عندى الضعيف حتى آجذ الحق له وأضعفكم عندى القوى حتى آخذ الحق منه, أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم.
3-     يقول الخليفة "ألا ان أقواكم عندى الضعيف حتى آخذ الحق له .....) يوضح أنه ولى أمر المسلمين لا حقاق الحق وإبطال الباطل حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.
فهو سينصر المظلمون بحول الله وقوته. حتى يكون هو الأقوى, وسيقتص من الظالم حتى يكون هو الأضعف.

4)- خطبة عمر بن الخطاب رضى الله عنه حين ولى الخلافة :
لما ولى عمر صعد المنبر فقال :
"ماكان الله ليرانى أرى نفس أهلا لمجلس أبى بكر, ثم نزل على مجلسه مرقاة فحمد الله واثنى عليه, ثم قال :"اقرأوا القرآن تعرفوا به, واعلموا به تكونوا من أهله أنه لم يبلغ حق ذى حق أن يطاع فى معصية الله, ألا وإن أنزلت نفسى من مال الله بمنزلة والى اليتيم, ان استغنيت عففت وان افتقرت أكلت بالمعروف, تقوم البهمة الاعرابية القضم لا الخضم
الدراسة
1-     فى هذه الخطبة يوجه الخليفة نظر الأمة الإسلامية التى رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا. على الكتاب الذى فيه عزها وكرامتها وحرمتها مصداقا لقول الحق جلت قدرته : "لقد انزلنا اليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون" (سورة الأنبياء الآية 10) فعليها أن تقرأه وتتفهم معناه وتعمل بما فيه تطبيقا وسلوكا وشريعة إذا أرادت أن تحيا حياة سعيدة فى ظل الأمن وتحت لواء رحمة اللهتبارك وتعالى ورضوانه كأمة قرآنية قال ربنا فى حقها : " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (سورة آل عمران ١١٠) فيقول :"اقرأوا القرآن تعرفوا به, واعلموا به تكونوا من أهله
2-     ثم يوضح أمير المؤمنين أنه ليس من حق أحد مهما بلغ من رقى ومنزلة فى هذه الحياة ومهما ملك من سلطان فى دنيا البشر  أن يدعى لنفسه حق الطاعة فيما يغضب الله. فالطاعة لله وحده ولمن ينفذ شرع الله ويعلبقه مصداقا لقول الحق جلت قدرته " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ (سورة المائدة ٢) فيقول : انه لم يبلغ حق ذى حق أن يطاع فى معصية الله".
3- ثم يوضح الخليفة موقفه من أموال المسلمين ويتمثل فى أنه كوالى اليتيم يحافظ على تلك الأموال من الضياع ولا يأخذ منها أكثر مما يقيم أوده ويعفه عن السؤال فيقول :ألا وانى أنزلت نفس من مال الله بمنزلة اليتيم ...."

5)- خطبة الإمام على رضى الله عنه بعد بيعه خليفة للمسلمين
قال بعد أن حمد الله وأثنى عليه :
أما بعد : فان الدنيا قد أتبرت وآذنت بوداع وان الآخرة قد أقبلت وأشرقت باطلاع وان المضمار اليوم, والسباق غدا, ألا وانكم فى أيام أمل, ومن روائه أجل, فمن أخلص فى أيام أمله قبل حضور أجله نفعه عمله, ولم يضر أمله, ومن قصر فى أيام أمله قبل حضور أجله فقد خسر عمله وضره أمله.
ألا فاعملوا لله فى الرغبة, كما تعملون له فى الرهبة, ألا وان لم أر كالجنة نام طالبها ولا كالنار نام هاربها, ألا وانكم قد أمرتم بالظعن, ودللتم على الطريق, وان أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى, وطول الأمل, فان اتباع الهوى يصد عن الحق وطول الأمل ينسى الآخرة.[29]
الدراسة :
فى هذه الخطبة يوضح على بن إبى طالب رضى الله عنه عدة حقائق يجب على المسلمين أن يتبينوها ويسيروا على ضوئها :
أولا    : الحياة الدنبا دار زوال وفناء وقد ظهرت علامات الساعة التى توضح أن الناس قد اقترب أجلهم وهم فى غفلة معرضون, والحياة الأولى ينبغى أن تكون دار عمل للخير وغرس للمعروف, فمن أخلص فى أيام أجله فأدى ماعليه نحو ربه ودينه وأمته, فقد سار فى طريق الحق واتبع هدى الله, ومن اتبع خطوات الشيطان وأمر بالفحشاء والمنكر فقد خسر خسرانا مبينا, واستحق خزى الدنيا وعذاب الآخرة وذلك هو الخسرن المبين.
فيقول رضى الله "فن الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع وان الآخرة قد أقبلت وأشرفت باطلاع ....."
ثانيا    : ثم يأمر الخليفة المسلمين أن يعملوا ما يرضى الله فى حالتى الرغبة والرهبة ثم يتعجب الامام من الراغبين فى دخول الجنة كيف ينامون عن العمل لها ؟ والخائفون من النار كيف يتقاعسون عن العمل الذى يبعد عنها. فيقول :"ألا فاعملوا لله فى الرغبة كما تعملون له فى الرهبة, ألا وانى لم أر كالجنة نام طالبا ولا كالنار نام هاربها"
ثالثا    : يحذر الخليفة من أتباع الهوى وطول الأمل موضحا أن اتباع الهوى يصدعن الحق وطول الأمل ينسى الآخرة

6)- خطبته صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونتوب إعليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن تضلل فلا هادى له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأن محمدا عبده ورسوله. أوصيكم عباد الله بتقوى الله, وأحأحثكم على طاعة الله, وأستفتح بالذى هو خير.
أما بعد. أيها الناس, اسمعوا منى أبين لكم, فإنى لا أدرى, لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا, فى موقفى هذا. أيها الناس, أن دماؤكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم, كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا, فى بلدكم هذا. ألا هل بلغت ؟ اللهم اشهد, فمن كانت عنده أمانة, فليؤدها إلى من ائتمنه عليه. وان ربا الجاهلية موضوع, وأول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن بن عبد المطلب. وان مآثر الجاهلية موضوعة, غير السدانة, والسقاية. والعمد قود وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر, وفيه مائة بعير, فمن زاد فهو من أهل الجاهلية.
أيها الناس, إن الشيطان قد يئس أن يعبد فى أرضكم هذه, ولكنه رضى أن يطاع فيما سوى ذلك, مما تحقرون من أعمالكم. أيها الناس, إنما النسىء زيادة فى الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما, ويحرمونه عاما, ليوطئوا عدة ما حرم الله, وإن زمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض, وإن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض,منها أربعة حرام : ثلاثة متواليت, وواحد فرد, ذو القعدة وذو الحجة, والمحرم, ورجب الذى بين جمادى وشعبان.ألا هل بلغت ؟ اللهم, اشهد.
أيها الناس, إن لنسائكم عليكم حقا, وإن لكم عليهن حقا, لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم ولا يأتين غيركم, ولا يدخلن أحدا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ولا يأتين بفاحشة, فإن فعلن, فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن فى المضاجع, وتضربوهن ضربا غير مبرح, فإن انتهين, وأطعنكم, فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف, وإنما النساء عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا, أخذتموهن بأمانة الله, واستحللتم فروجهن بكلمة الله, فاتقوا الله فى النساء, واستوصوا.
أيها الناس, إنما المؤمنون إخوة, ولا يحل لإمرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه, ألا هل بلغت ؟ اللهم اشهد. فلا ترجعهن بعدى كفارا يضرب بعضكم أعناق بعض, لإغنى قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا, كتاب الله. ألا هل بلغت ؟ اللهم , اشهد أيها الناس إن ربكم واحد و وإن أباكم واحد , كلكم لآدم , وآدم من تراب , إن أكرمكم عند الله أتقاكم , وليس لعربى على عجمى فضل إلا بالتقوى . ألا هل بلغت ؟ قالوا نعم , قال : فليبلغ الشاهد منكم الغائب . أيها الناس إن الله قسم لكل وارث نصيبه من الميراث , ولا يجوز وصية فى أكثر من الثلث والولد للفراش . وللعاهر الحجر ,  من ادعى إلى غير أبيه , أو تولى غير مواليه , فعليه لعنة الله والملائكة , والناس أجمعين , لا يقبل منه صرف ولا عدل . والسلام عليكم ورحمة الله.[30]

الدراسة
إننا عندما ننظر إلى هذه الخطبة فى عمق الباحث وتفكير العاقل المتدبر نجد أنها قد جاءت تلخيصا لدعوة ثلاث وعشرين سنة , وارساء لقواعد أمة إلى الأبد , وتوجيها لأجيال المستقبل مدى الحياة فى منهج إسلامى فاضل . أما الأسلوب فلم يأت على أسلوب الإثارة العاطفية ذات التأثير المؤقت ولا فى قالب النظاميات الجافة التى تتسم بطابع السلطة والتحكم , بل جاء سلسا مرسلا بعيدا عن تعقيد التكلف وافتعال الصناعة من سجع وجناس وغيره.
أما الوضوع فكان خلاصة  للتشريع الإسلامى من أحكام فقهية وتوجيهات اجتماعية وإرشادات إنسانية. أما العرض فهو يحتوى على إفتتاحية هادئة موجهة تتناسب مع عواطف المودع المشفق والناصح الامين. وهى تشير إلى أن العالم قد عرف الله فبدأهم صلى الله عليه وسلم بحق الله فحمد لله وأثنى عليه واستعانه على أمره واستغفره فيما يكون بينه وبين ربه تعليما للأمة وحثا لها على الرجوع إلى الله بالتوبة واللجؤ إليه فرارا من شر النفس وسيء العمل.
وبعد المقدمة والاستفتاح بالذى هو خير انتقل صلوات الله وسلامه عليه إلى شرح الموضوع مبتدئا بأخطر قضايا الإنسانية وأعظم مشاكل المجتمعات , ألا وهى الدماء والأموال والأعراض فصانها وحصنها لا بقوة السلطة وهيبة السلطان بل بتقوى الله واستشعار حرمة البيت الحرام فى الشهر الحرام فى يوم الحج الأكبر . ثم استتبع بقايا التشريع فى التحريم للأصول الثلاثة بكل فرع لها كعملية تطبيق للأصل , ففى الأموال حرم الربا ووضع كل ربا كان فى الجاهلية وقدم ربا عمه العباس , وفى الدماء حرم كل دم كان فى الجاهلية وقدم دم قريبه عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب . وفى تقديم كل من ربا عمه ودم قريبه تنفيد القاعدة "ابدأ بنفسك" فان عم الرجل صنو أبيه" ثم اسقط كل مأثرة بصفة عامة كانت فى الجاهلية إلا السدانة والسقاية . ولعل ابقأهما لمل فيهما من عمل الخير العام . ويستتبع ترحيم الدماء تحريم الأعداء وبيان الحدود فى العمد قود وشبه العمد الدية . ثم اعقبه بالتحذير من مسببات التعدى وهى نزغاتالشيطان فنه قد يئس أن يعيد فى هذه الأرض ولكنه قد رضى أن يطاع فيما سوى ذلك .
ثم يمضى إلى ما بداخل البيت إلى صنف المجتمع فيوصى بالنساء خيرا ويبين ملهن وما عليهن إحاطة بالجانبين فاذا أخذن ملهن أدين ما عليهن كل ذلك بالمعروف من كلا طرفين , ثم يستشهد الناس على التبليغ ويشهد الله عليهم . ثم انتقل إلى حقوق الأخوة الإسلامية وما يستوجب من حفظ المال وصيانة الدماء وطهارة الأعراض , ثم يحذر من الرجوع إلى الكفر والوقوع فى الفتن وضرب بعضهم رقاب بعض ويحثهم على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله . ثم ينبه على ما يجمع الشمل ويوحد الوجهة بالرجوع إلى أب واحد ودين واحد ورب واحد .
وبعد المسير من المسلمين فى طريق البيان إلى إلى النهاية بين حالة الموت وحقوق الميت فى الوصية وحقوق الحى فى البقية فاعطى الميت ثلث المال يوصى به وترك للحى الثلثين للميراث
ثم بين حقائق روابط النسب وقداسة الفراش  وروابط الزوجية.
وهكذا إلى غير ذلك مما تناولته تلك الخطبة الجامعة الشاملة التى يجد فيها كل كاتب ودارس بغيته ويستفيد منها كل فقيه وأديب فى التشريعات وأساليبه وأوجه البيان وطرق التعبير وقوة الربط .
وبهذا نجدها تشكل وحدة نظامية ومنهجا تعليميا وتشريعا عاما شمل وجمع وعم وخص فكانت صورة صادقة حقا للخطابة الاسلامية التى تعرض الاسلام للمسلمين .









المراجع والمصادر

(1)- المراجع العربية
-    شوقى حمادة , مذكرة فى الخطابة , كلية الدعوة وأصول الدين الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة .
-    عبد الرحمن خليف , كيف تكون خطيبا , إدارة الصحافة والنشر برابطة العالم الإسلامى , مكة المكرمة .
-    على عبد العظيم , الدعوة و الخطابة , دار الاعتصام , الطبعة الأولى 1399 ه – 1979 م , القاهرة .
-    على محفوظ , هداية المرشدين إلى طرق الوعظ والخطابة , دار الاعتصام , 1399 ه – 1979 م القاهرة .
-    محمد أبو زهرة , الخطابة , دار الفكر الإسلامى , 1934, بيروت
-           محمد الحجار , صوت المنبر , دار مصر للطباعة , 1406 ه



(2)- المراجع الإندونيسية :
-   Barmawie Umary, Azaz-azaz Ilmu Da’wah, Ramadhani, Sala, 1984.
-   Djafar Amir, Tehnik Chutbah, Perc. AB Sitti Syamsijah, Sala, Tjetakan ke 2, 1968.
-   Masdar Helmy, Petundjuk Muballigh dan Tuntunan Berpidato, CV. Toha Putra, Semarang, 1970.




No : ISBN  الترقيم الدولى))
978 – 602 – 8522 – 28 - 1
 

ترجمة حياة المؤلف



الإسم                       : الحاج         عين الحق نووى الماجستير
محل الميلاد وتاريخه   : سومنب , 2 مايو سنة 1958
العنوان                     : فكندانجان سنجرى , بلوتو , سومنب , مادورا.
رقم الهاتف الجوال      : 081935124009
اسم الوالد                  : الحاج نووى وردى (المرحوم)
اسم الأم                    : الحاج سعادة جوهرى (المرحومة)
المهنة                      : محاضر فى كلية التربية ، قسم تعليم اللغة العربية بالجامعة الاسلامية الحكومة بامكاسان وبالجامعة  الاسلامية النقاية كولوك – كولوك , سومنب , وبجامعة الأمين برندوان سومنب وكان سابقا محاضرا بجامعة دار السلام كونتور فونوروكو منذ سنة 1989 الى 1997 . وبالمعهد العالى الاسلامى الحكومى جمبر من سنة 1998 إلى انتقاله سنة 2005 إلى الجامعة الإسلامية الحكومية بامكاسن
ومن المواد التى قام بتدريسها فى هذه الجامعات هى : اللغة العربية , الخطابة , مهارات القراءة , المحادثة , المطالعة , الترجمة , البلاغة , علوم القرآن , الإنشاء , الفقه .
المؤهلات الدراسية :
1.     المدرسة الإبتدائية الحكومية والدينية بفكندانجان الغربية شهادة سنة 1970.
2.     المدرسة المتوسطة والثانوية (كلية المعلمين الإسلامية 6 سنوات) بمعهد دار السلام كونتور , فونوروكو شهادة سنة 1976 .
3.     طالب جامعى بجامعة دار السلام كونتور , فونوروكو , سنة 1977 – 1978
4.     الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة , المملكة العربية السعودية , حاصل على شهادة الليسانس سنة 1982
5.     جامعة الأزهر , بالقاهرة , فى الدراسات العليا سنة 1982 – 1983
6.     جامعة بنجاب , لاهور , باكستان , حاصل على شهادة الماجستير سنة 1986 فى الدراسات الاسلامية
7.     المعهد العالى للدعوة والدراسات الاسلامية بمكة المكرمة حاصل على شهادة  الماجستير 1989




1- انظر, محمد أبو زهرة, الخطابة, دار الفكر العربى, ص 10
2- انظر, نفس المرجع, ص 11
3- نفس المرجع
[4]    Barmawie Umary, Azaz-Azaz Ilmu Da’wah, (Solo, Ramadhani, 1984) hlm. 49
5على عبد العظيم , الدعوة والخطابة , دار الاعتصام , ص 52
6 نفس المرجع , ص 55
7 محمد أبو زهرة, الخطابة, ص 97
8 نفس المرجع ص 98
9 على عبد العظيم, الدعوة والخطابة, ص 58
10 محمد أبو زهرة, الخطابة, ص 99
11 شوقى حمادة, مذكرة الخطابة, ج 1 ص 32  
12 سورة آل عمران الآية 144
13 انظر, محمد أبو زهرة, الخطابة, ص 153
14 محمد أبو زهرة, الخطابة ص 214
15 إبرهيم مصطفى وأصدقاؤه, المعجم الوسيط, ج 1 ص 332
16 محمد أبو زهرة, الخطابة, ص 143
17 انظر عبد الحمن خليف, كيف تكون خطيبا, ص 78
18 محمد أبو زهرة, الخطابة, ص 59
19 نفس المرجع, ص 64
20 إبن هشام, السيرة النبوية, دار الكتب المصرية, ج 1, ص 262
21 محمد أبو زهرة, الخطابة, ص 253
22 نفس المرجع,  ص 254
23 نفس المرجع
24 نفس المرجع, ص 255
25 إبرهيم مصطفى, المعجم الوسيط, ج 2 ص 897
26 إبن هشام, السيرة النبوية, ج 1 ص 272
27 نفس المرجع ص 300
28 نفس المرجع, ج 2 ص 430
29 عبد الرحمن خليف, كيف تكون خطيبا, ص 112
30 إبن هشام , السيرة النبوية, ج 2 , ص 390

Tidak ada komentar:

Posting Komentar

SEMUGA BERMAMFAAT